من قصص وأحوال الخائفين من الله

قصص الخائفين من الله

عند سماع قصص الخائفين يستلهم المسلم العبرة ويتعلم كيف يخاف الله ويخشاه بلا قنوط من رحمة الله ولذا جاء في وصف الله لرسله وملائكته بأنهم يخافون الله ويخشونه ويرهبونه، ولذا ذكر خير البشر صلى الله عليه وسلم أنه أشد الناس خشية لله:

 

خوف خير البشر صلى الله عليه وسلم 

قال صلى الله عليه وسلم : ( إني أعلمكم بالله وأشدكم له خشية ) ، وفي لفظ آخر : ( إني أخوفكم لله وأعلمكم بما أتقي) (رواه مسلم) ، وكان يصلي صلى الله عليه وسلم ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء (رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني)، تروي السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قطُّ مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى لَهَوَاتِهِ، إنما كان يبتسَّم، وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عُرف ذلك في وجهه، فقلتُ: يا رسول الله: الناسُ إذا رأوا الغيمَ فرحوا رجاءَ أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَه عُرفتِ الكراهةُ في وجهكَ. فقال: "يا عائشة، ما يُؤمنُني أن يكون فيه عذاب؟ قد عُذِّبَ قومٌ بالريح، وقد رأى قومٌ العذابَ فقالوا: هذا عارضٌ مُمْطِرُنا"[رواه البخاري]

خوف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم

قال تعالى: ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ) (الأنبياء:90)، وقال: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) (الأحزاب: 39)

ومن خوف الملائكة

يقول تعالى: { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [النحل: 50]، وأنه إذا قَضَى اللَّهُ الأمْرَ في السَّماءِ، ضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بأَجْنِحَتِها خُضْعانًا لِقَوْلِهِ، كالسِّلْسِلَةِ علَى صَفْوانٍ - قالَ عَلِيٌّ: وقالَ غَيْرُهُ: صَفْوانٍ يَنْفُذُهُمْ ذلكَ - فإذا فُزِّعَ عن قُلُوبِهِمْ، قالوا: ماذا قالَ رَبُّكُمْ، قالُوا لِلَّذِي قالَ: الحَقَّ، وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ[رواه البخاري]

وعنِ ابنِ عبَّاسٍ في قولِهِ تعالى {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} ]سبأ:23]قالَ لمَّا أوحى الجبَّارُ جلَّ جلالُهُ إلى محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ دعا الرَّسولَ منَ الملائِكَةِ ليبعثَهُ بالوحيِ فسمعتِ الملائِكَةُ صوتَ الجبَّارِ يتَكَلَّمُ بالوحيِ فلمَّا كُشفَ عن قلوبِهِم فسألوهُ عمَّا قالَ اللَّهُ تعالى قالوا الحقَّ علموا أنَّ اللَّهَ تعالى لا يقولُ إلَّا حقًّا وأنَّهُ مُنجزٌ ما وعدَ قالَ ابنُ عبَّاسٍ وصوتُ الوحيِ كصوتِ الحديدِ على الصَّفا فلمَّا سمعوهُ خرُّوا سجَّدًا فلمَّا رفعوا رءوسَهُم قالوا ماذا قالَ ربُّكم قالوا الحقَّ هوَ العليُّ الكبيرُ.

ومن خوف الصالحين

  • أبو بكر w: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي أبابكر بالناس قالوا إنه بكاء لا يكاد يسمع، وكان يمسك لسانه ويقول "هذا الذي أوردني المهالك"
  • عمر بن الخطاب t : قرأ آيات فمرض مرض عاده الناس من بعده، وكان يقول: يا ليتني كنت شجرة تؤكل، وكان يقول: لو نادى منادٍ من السماء: أيها الناس، إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلاً واحدًا، لخفت أن أكون أنا هو، وهو من قال: لو مات جمل ضياعاً على جانب الفرات لخشيت أن يسألني عنه الله يوم القيامة.
  • عثمان بن عفان w: كان يقول: (( وددت لو أنني لو مت لم أبعث)) وهو الذي كان يقطع الليل تسبيحاً وقرآناً ويتخرق مصحفه من كثر ما قرأ به، ومات ودمه على المصحف شهيداً..
  • أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: تقرأ قوله تعالى: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] في صلاتها فتبكي وتبكي {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]
  • ابن عباس w: كان تحت عينيه خطّان كالشراكان الباليان أخاديد من الدموع.
  • أبو هريرة صلى الله عليه وسلم : يغشى عليه ثلاث مرات وهو يحدث بحديث أول ثلاث تسعّر بهم النار، وبكى في مرضه، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: "أما إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكن أبكي على بُعد سفري، وقِلَّة زادي، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار، لا أدري إلى أيتهما يُؤخذ بي"
  • عمر بن عبد العزيز رحمه الله: يبكي ويبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينام.. تسأله زوجته فيقول {قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام: 15]فتبكي فاطمة وتقول: "اللهم أعذه من النار"]فصل الخطاب في الزهد:5/219[
  • عمرو بن عتبة بن فرقد رحمه الله: كان يخرج على فرسه فيقف ليلا على القبور فيقول يا أهل القبور قد طويت الصحف وقد رفعت الاعمال ثم يبكي ثم يصفن بين قدميه حتى يصبح ثم يرجع فيشهد صلاة الصبح.(فصل الخطاب في الزهد:5/214)