لأنه مفتاح الخير الوحيد.. كيف أحقق الإخلاص لله؟

كيف أخلص لله
يأتي الإشراك عندما لا يعطي العبد لله عز وجل قدره، وأعظم أسباب تحقيق الإخلاص هو تعظيم الرب سبحانه وتعالى ويقين العبد باطلاع الرب عز وجل عليه، وعلمه سبحانه بمكنونات الصدور، يقول الله: { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر: 19]
وهذه بعض علامات قدرة الله عز وجل {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزُّمر:67] وهو المفروض أن نقوم به، وهو تعظيم وتقدير وإجلال لله عز وجل {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزُّمر:67] فمن هم الذين أشركوا، الذين لم يعطوا لله عز وجل قدره {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزُّمر:67]. [راغب السرجاني، قصة الإسلام: الإخلاص].
ومن وسائل تزكية النفس بالإخلاص لله:

 دعاء الله بالإخلاص


كان النبيﷺ يدعو ربه دوما: «اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه»، ودعا عمر بقوله: "اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً"

 عبادة السر سبب للإخلاص:


قال صل الله عليه وسلم «من استطاع منكم أن يكون له خبئ من عمل صالح فليفعل»( صحيح الجامع)
وبعد وفاة الفضيل بن عياض، رؤي في المنام، فقيل له: ماذا فعل الله بك؟ قال: غفر لي ذنبي، قالوا: بِمَ؟ قال: والله لم تنفعنا إلا ركيعات كنا نركعها في جوف الليل أخلصنا فيها لله _عز وجل_

 تحري النية في العادات اليومية


عَن زبيد قَالَ يسرني أن يكون لي في كل شيء نية حتى في الأكل والنوم
قال الحسن البصري عن عمر بن عبدالعزيز – رحمهم الله - : ( ما ظننت عمر خطا خطوة إلا وله فيها نية).
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في حديثه الطويل الذي قدمناه في أول الكتاب في باب النية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك» . متفق عليه.
وقال معاذ رضي الله عنه: "أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي" (رواه البخاري).

 إخفاء العمل :


لقوله عليه الصلاة والسلام : « سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلَّق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذا منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه» (متفق عليه) .
يقول بشر بن الحارث : " لا تعمل لتذكر، اكتم الحسنة كما تكتم السيئة " وقد فضلت نافلة صلاة الليل على نافلة النهار واستغفار السحر على غيره، لأن ذلك أبلغ في الإسرار وأقرب إلى الإخلاص .

 الاقتداء بسير الصالحين المخلصين:


يقول سبحانه : {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ }[الأنعام: 90] واقرأ سير الصالحين من العلماء والعباد والنبلاء والزهاد، فهو أرجى لزيادة الإيمان في القلب . ولعلنا نفرده في الموضوع التالي

 الخوف من الله وترك العجب بالعمل


وروى الإمام أحمد والترمذي أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله " وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ " [المؤمنون: 60] هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل ؟ قال : « لا يا بنت أبي بكر الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم خائفون ألا يتقبل منهم .
قال ابن كثير في تفسير (تفسير ابن كثير) قوله تعالى : " وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا... " [المؤمنون: 60] : " أي يعطون العطاء وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشرط الإعطاء " .

 تذكر أن البشر لا يملكون لك شيئا


لو اجتمعت البشر كلهم من آدم إلى آخرهم، ووقفوا خلفك، لما استطاعوا أن يقدموك إلى الجنة ولو بخطوة واحدة، إذاً لماذا ترائي البشر وهم لا يملكون لك شيئاً؟ قال ابن رجب (جامع العلوم والحكم) : " من صام وصلى وذكر الله، ويقصد بذلك عرض الدنيا، فإنه لا خير له فيه بالكلية، لأنه لا نفع في ذلك لصاحبه، لما يترتب عليه من الإثم فيه ولا لغيره"، أي ولا نفع فيه أيضاً لغيره.
ثم إن الذين تُزين عملك لهم من أجل أن يمدحوك لن تحصل مرادك منهم، بل إنهم سوف يذمونك، وتفضح عندهم، ويلقى في قلوبهم بغضك، يقول عليه الصلاة والسلام : « ومَن يرائِي يرائِي اللهُ به » [رواه مسلم] أما إذا أخلصت لله أحبك الله الخلق، قال سبحانه : " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا " [مريم: 96] أي محبة .

 تذكر أنك في القبر بمفردك :


النفوس تصل بتذكر مصيرها، وإذا أيقن العبد أنه يوسَّد اللحد منفرداً بلا أنيس، وأنه لا ينفعه سوى العمل الصالح، وأن جميع البشر لن يرفعوا عنه شيئاً من عذاب القبر، وأن الأمر كله بيد الله، حين ذاك يوقن العبد أنه لا ينجيه إلا إخلاص العمل لخالقه وحده جل وعلا ، يقول ابن القيم (طريق الهجرتين ) : " صدق التأهب للقاء الله من أنفع ما للعبد وأبلغه في حصول استقامته، فإن من استعد للقاء الله انقطع قلبه عن الدنيا وما فيها ومطالبها " .
وكما ذكرنا من ما يعين على الإخلاص معرفة مواقف الصحابة والصالحين مع الإخلاص فيكون موضوعنا التالي