احذر الشرك الخفي .. الرياء

احذر الشرك الخفي الرياء
الرياء أعظم ما يفسد به إخلاص العبد لله تعالى، وهو أن يعمل الرجل بعمل ليقال أنه فعل كذا وكذا، وليس ابتغاء لوجه ربه، والنبي صل الله عليه وسلم كان يخافه على أصحابه ويقول لهم : (ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟ قالوا : بلى، قال الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته، لما يرى من نظر الرجل ) (رواه أحمد)
وكلمة الإخلاص هي كلمة التوحيد، والإخلاص في العبادة والطاعة، وترك الرياء، هذا معنى هذه اللفظة في كلام العرب، تدور حول تنقية الشيء مما يشوبه من الشوائب، وتخليصه من الأكدار ومما يداخله.
والصالح إذا كان يرائي بعمله يعذب في الآخرة قبل غيره، ولهذا فإن أول من تسعر بهم النار هم عالم ومجاهد ومتصدق، يريدون معرفة الناس بأحوالهم ولا يبتغون وجه الله، يقول عليه الصلاة والسلام : ( أول الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت، قال : كذبت، ولكنك قاتلت لأن يُقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمَّه وقرأ القرآن فأتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال فما عملت فيها ؟ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال : كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال : كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار ) (رواه مسلم) .

أحوال الرياء


إن المرء إذا عمل العمل لينال ثناء الناس ومدحهم أو ليظهر تميزه على أقرانه أو غيرهم فهذا هو الرياء بعينه، والله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا ًلوجهه الكريم، قال الله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} {الكهف:110}.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه). (رواه مسلم) وفي الصحيحين أن رجلاً جاء إلى النبي صل الله عليه وسلم فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. (رواه البخاري)

الفرح بالثناء ليس من الرياء


من عمل عملاً صالحاً خالصاً لوجه الله، ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين وهو لم يترقب ذلك ففرح بفضل الله واستبشر بذلك، فإن هذا لا يضره وليس هذا من الرياء، يقول أبو ذر رضى الله عنه سئل النبي صل الله عليه وسلم عن الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس عليه فقال : (تلك عاجل بشرى المؤمن) [رواه مسلم] أما من عمل عملاً صالحاً وزيَّنه من أجل أن يمدحه الناس عليه فهذا هو الرياء .
وأما حب إبراز النفس والتفوق فهو مذموم لأن العبد مطالب بالتواضع، وعلى قدر تواضعه تكون رفعته ومنزلته عند الله تعالى، وفي الصحيح أن النبي صل الله عليه وسلم قال: إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد. [رواه مسلم]

عاقبة مراءاة الناس


في الدنيا يفضح الله المرائي ويهتك ستره ويظهر خباياه، يقول النبي صل الله عليه وسلم : (من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يراء الله به )[رواه مسلم] قال الخطابي : معناه من عمل عملاً على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه، جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه، حتى وإن أخفى المرائي كوامن النفس وخفايا الصدور فإن الله يعلنها، يقول عليه الصلاة والسلام : (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ) [رواه البخاري]
أما في الآخرة فالنار عقوبة المرائي، يقول الحق: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15 و 16].
ويقول عليه الصلاة والسلام (أول الناس يقضى يوم القيامة عليه... وذكر منهم : الشهيد، وقارئ القرآن، والمتصدق ـ الذين كانت أعمالهم لغير الله ـ فيقال له كذبت ولكنك فعلت ليقال كذا فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار ) .
فإذا اخلصت لله واتقيت الشرك الخفي ( الرياء ) فلا بد من معرفة الثمرات التي يجنيها المخلص لله في الموضوع التالي